ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بين إسرائيل و"حزب الله" يواجه خطر الانهيار الوشيك، مشيرة إلى أن بعض المراقبين باتوا يعتبرونه "حبراً على ورق" بعد أشهر من التوترات المتصاعدة على الحدود الشمالية.

الاتفاق، الذي وُقّع بوساطة أميركية وفرنسية بعد حرب استمرت 14 شهراً، جاء تتويجاً لجهود دبلوماسية معقدة هدفت إلى إنهاء واحدة من أكثر المواجهات استنزافاً بين الطرفين منذ عام 2006. لكن المؤشرات الأخيرة، وفق الصحيفة، تُظهر أن الهدنة باتت في مهبّ الريح.

وخلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى بعد السابع من أكتوبر، تمكن "حزب الله" من إنهاك الجيش الإسرائيلي وإجباره على تخصيص موارد وقوات كبيرة للجبهة الشمالية، ما أدى إلى إطالة أمد الحرب في غزة وتعطيل خطط الحسم السريع ضد "حماس".

غير أن ميزان القوة بدأ يتغير منذ سبتمبر 2024، عقب تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية "البيجر" واغتيال عدد من أبرز قادة الحزب، ما وضع "حزب الله" في موقع دفاعي صعب، رغم استمرار هجماته بالطائرات المسيّرة التي فاجأت إسرائيل في أكثر من مناسبة.

إحدى تلك المسيّرات وصلت إلى قاعدة عسكرية تبعد 80 كيلومتراً عن الحدود، فيما أصابت أخرى منزل عائلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في شمال وسط البلاد، وهو ما شكّل إحراجاً أمنيّاً كبيراً للسلطات الإسرائيلية.

لكن هذه النجاحات المحدودة لم تُغيّر حقيقة الوضع الميداني، إذ اضطر الحزب في نهاية نوفمبر إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق نار منفصل مع إسرائيل، رغم استمرار الحرب في غزة، في خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة "استسلام تكتيكي" هدفه تجنّب انهيار كامل للجبهة اللبنانية.

ورغم احتفاء القادة الإسرائيليين بالاتفاق واعتباره "نصراً استراتيجياً"، فإن أوساطاً في المؤسستين العسكرية والاستخباراتية عبّرت عن قلقها من أن "حزب الله" سيعمل على إعادة بناء قوته تدريجياً واستعادة قدراته القتالية عبر خطوط التهريب وإعادة تأهيل شبكاته العسكرية في الجنوب.

وخلال العام الماضي، حافظ الطرفان على ما يشبه لعبة "القط والفأر"؛ فبينما يواصل الحزب تدريب مقاتلين جدد وترميم بنيته التحتية، تردّ إسرائيل بسلسلة غارات شبه يومية على أهداف في الجنوب اللبناني، في محاولة لمنع الحزب من إعادة بناء ترسانته.